Saturday, October 8, 2011

جرامافون ... لعلكم تسمعون



عندما تكون محتاج لفترة من الإستجمام و الراحة فإنك بالفعل تحتاج للإستماع لجرامافون. تفتح صفحة جرامافون على الفيسبوك و ترى من مِن المسئولين عنه جالسين معك بكل إستمتاع يضعون لك أحلى و أشهى الخلطات الموسيقية. فتستمتع معهم بما يلعبون. ما أروع المكتبة الموسيقية التى بحوذتهم. موسيقى من مختلف بقاع العالم و ثقافاته. شعارهم هو "نحن نلعب المنسي" بالفعل الكثير مما يلعبون منسى و الكثير غير معروف بالمرة. و بما إننى لا أستمع عادة إلا للغير معروف – الذى وجدت فيه إشباع لشهوتى الموسيقية التى لم يستطع أمثال عمرو دياب و تامر حسنى إشباعها – فوجدت جرامافون و أعتبرته معجزة إلهية أو جوهرة أتتنى من السماء لإستكمال إشباع شهوتي. لم أكن أحلم يوم أن أجد راديو يلعب كل تلك الموسيقى التى يصفها بعض من المقربين مني بالعجيبة دون تكليف أنفسهم عناء محاولة الإستماع لها.

عرفت جرامافون لأول مرة من صديقتى الرائعة ميرال التى دائما تتحفنى بأحلى أخبار العالم. تخبرنى بأحلى الحفلات و الأحداث الثقافية التى تدور بليالي القاهرة الساهرة الساحرة الثرية. أثق كل الثقة برأيها و ذوقها المنفرد. أرسلت لى موقع جرامافون و لم أصدق حين فتحته لأول مرة بحياتي و إستمتعت بثلاثة سهرات فنية متألقة لمدة ثلاثة ساعات. الساعة الأولى كانت مخصصة للفنانة اللبنانية الرائعة تانيا صالح و الساعة الثانية كانت مخصصة للشيخ إمام و سيد درويش و الساعة الثالثة كانت أغانى عشوائية لمختلف موسيقيين الوطن العربى. دخلت الموقع و لم يكن يتعدى معجبيه عالفيسبوك الألفان و عاشرته حتى تعدى الستة ألاف من أسبوع تقريبا. أعترف أنى ساهمت فى نشره لكن على محيط فائق الضيق فلم يكن يريد احد من معارفى محاولة الإستماع له. و أذكر تعليق أحد من أصدقائي عند إرسالى له الموقع بقوله ( إرحمنا بقة) . من تقبل دعوتي و إستمع للراديو هم أصدقائي المقربين و المعتادين على إستماع نفس نوع الموسيقى (العجيبة) التى أستمع إليها.

لن أنسى ابدا يوم رائع لي مع جرامافون. كان لدى الكثير من التوتر بسبب ضيق وقتى بين الدراسة و العمل. و كان لدى الكثير من المذاكرة و حالة توترى أوصلتني لمرحلة رافضة لأى إنجاز. جرامافون كان مفعوله مفعول السحر علي. فتحت جرامافون لمدة ساعتين قررت تخصيصهم للراحة . إستمعت يومها لحفلة زياد الرحبانى بدمشق و بعدها حفلة السيدة فيروز بلاس فيجاس. ما أجملها سهرة. قالت فيروز (أنا صار لازم ودعكن خبركن عنى . أنا كل القصة لو منكن ما كنت بغنى و دايما بالأخر فيه أخر فيه وقت فراق.. بكرة برجع بوقف معكن اذا مش بكرة لبعده أكيد) وجدت نفسى تغمرها السعادة و النشاط و بدأت فى المذاكرة مستمع لجرامافون أيضا –وكان عبد الله أحد المسئولين عن الراديو هو من كان ينظم السهرة و كانت من أجمل سهرات جرامافون التى إستمعت إليها –  و أنجزت إنجاز غريب

كما ذكرت محاسن و روائع جرامافن يجب أن أذكر مساوئه فقط بسبب رغبتي في أن يكون الراديو ممتاز طوال الوقت. كون فردان فقط هم المسئولين عنه – وهم عبد الله و أحمد كمال- يجعل من الراديو ممتاز حينما يكونوا جالسبن معنا بالسهرات و يجعله فى منتهى الروعة من حيث كم الأغانى الرائعة التى تذاع و يجعله أيضا ليس على مستوى عالي من الجودة باقى ساعات اليوم الذى يكون المسئول فيها عن الراديو هو  الأوتو دى جى فأنصحهم بالعثور على متطوعين محبين للراديو ليكونوا ملتزمين بوضع البلاي ليست أثناء إنشغال عبد  الله و أحمد كمال حتى يكون الراديو ممتاز طوال ساعات اليوم. 

دائما حينما اتحدث عن جرامافون أتطرق لموضوع أخر بعينه. على قدر سعادتى عندما أتحدث عن جرامافون على قدر حزني بالنهاية حين يفتح هذا الموضوع. موضوع العطب الفكري كما يسميه صديقي الرائع عمر البياري. يُفتح الموضوع حين أبدأ التأمل فى حياتي و أتسائل إن كنت أنا الطبيعي أم الشاذ. فأجد أن من وجهة نظري أنى طبيعي لأقصى الدرجات حيث ما أسمعه هو الذى يجب أن يكون معروف و أكتشف أيضا أنى فى نفس ذات الوقت الشاذ حيث ما أسمعه لا يعرفه أحد غيرى و غير نسبة ضئيلة لا تذكر. أبدا أتسائل أيضا إذا كان كل ما أؤمن به مئلوف أم أشياء خرافية نسجها و إخترعها خيالي الخصب, أتسائل إن كان نهمى و عشقي للقراءة و شهوتي للمعرفة هى االطبيعة و الأساس أم جلوس أغلب الشباب بالمقاهي و الكافيهات لا يأبهون بشئ ولا يخلقون معنى لحياتهم هو العادي. و أخيرا أتسائل إن كان تسائلي هذا من حقي أم إني يجب أن أتوقف عن التأمل و التسائل و المعرفة و أنجرف مع البقية فى تيارهم.
أعلم أني لن أسمح لنفسي بالإنجراف فى تيار هؤلاء و أنى سأبقى كما أنا فى تيار بحيرتي الضعيف مقارنة بتيار نهرهم العاتي الملئ بالدوامات التي تسحب أمثالهم إلى قاع النهر حتى لا يروا نور المعرفة أبدا و تجعل أمثالى يعافرون فى المحافظة على توازنهم حتى لا يسحبوا بهذا التيار المظلم بل و يبقوا راسخين ببحيرتهم رغم محاولات النهر في سحبهم المستمرة.

 كيف يحقق ألبوم عمرو دياب أعلى المبيعات برغم إفتقاره بكل ما يكون أي أغنية. فأغانية تفتقر الكلمات القيمة و تفتقر الالحان و الموسيقى فتجد نفسك تسمع عدة كلمات ربطت و إجتمعت عشوائيا على دقات (بيتس) –  لم تنتج عن اي الة موسيقية  بل صنعها برنامج على الكمبيوتر – بدون أن تصنع أي معنى للجملة. فأتسائل كيف تنتشر أغانى عمرو دياب و فى نفس الوقت هناك من العظماء أمثال زياد رحباني و مارسيل خليفة و ريم بنا و ريما خشيش و كاميليا جبران من هم ممنوعون من الغناء بمصر و المرات القليلة التى يأتون فيها تكون حفلاتهم مقتظة بأمن الدولة.

ربما نعيش فعلا أكثر الأزمنة إضمحلالا فكريا كما يقول صديقي عمر البياري و ربما كان يوجد إضمحلالا أقوى فى عصور سابقة. لا يهم لكن ما يهم هو أن نستطيع أن نستيقذ و أن ننقذ أنفسنا من هذا الإضمحلال قبل أن يقوى تيار النهر و يأكل البحيرة فتختفى تماما من على وجه البسيطة.  


 اسمع الراديو . فقط اضغط على اللينك دة :)
Gramafoon Radio