Saturday, January 21, 2012

صرخة من مقيم بالتحرير

تحرير ... اليك أعود ... أعود مقتول ... أعود مذبوح ... معلق من حنجرتي و مكتوم صوتي  ... عائد و لم أكن أريد العودة ... لم تكن من احلامي ابدا ان اعود مطالب نفس المطالب ... أطلبها مِن مَن إستطاع إقناع شعبي البسيط انه معه ... أقنع الغلابة انه يحمي ثورتهم ... يحتفل معهم بالثورة و يحميها مِن مَن يحاول ان يخرجها عن مسارها الطبيعي ... يحميها مني مقنعهم اني انا من يخرب ثورتهم ... أخرجني و جعلهم يخرجوني من ضمير"هم" الموجود بنهاية كلمة مقنعهم او اي ضمير أخر يربطني مع شعبي ... أصرخ و أصرخ فى وقت لم يصبح لصراخي صدى ... أين أصبح صوتي و لماذا غير قادر على الوصول ... أفقد قوته؟ ... أحقا فقد صوتي قوته؟ ... أحقيقي وصل المجلس العسكري لقوة و مرحلة تجعله لا يأبه لصراخي و لا يلومه الشعب عن صنع ذلك؟ ...أأوصَل المجلس العسكري شعبي لدرجة تجعلهم يطلبون منهم إخصائي؟ ... مشتت ... تائه ... مكتئب ... أصرخ و لا أسمع صراخي ... هل سيظهر فى التحرير أم سيتم قطع أحبالي الصوتيه من قِبَل من سلبوا مني أعز ما أملك ... سأرى ... سأنزل و أصرخ بأسمي و بإسم من يرفضني و سأرى  

Saturday, October 8, 2011

جرامافون ... لعلكم تسمعون



عندما تكون محتاج لفترة من الإستجمام و الراحة فإنك بالفعل تحتاج للإستماع لجرامافون. تفتح صفحة جرامافون على الفيسبوك و ترى من مِن المسئولين عنه جالسين معك بكل إستمتاع يضعون لك أحلى و أشهى الخلطات الموسيقية. فتستمتع معهم بما يلعبون. ما أروع المكتبة الموسيقية التى بحوذتهم. موسيقى من مختلف بقاع العالم و ثقافاته. شعارهم هو "نحن نلعب المنسي" بالفعل الكثير مما يلعبون منسى و الكثير غير معروف بالمرة. و بما إننى لا أستمع عادة إلا للغير معروف – الذى وجدت فيه إشباع لشهوتى الموسيقية التى لم يستطع أمثال عمرو دياب و تامر حسنى إشباعها – فوجدت جرامافون و أعتبرته معجزة إلهية أو جوهرة أتتنى من السماء لإستكمال إشباع شهوتي. لم أكن أحلم يوم أن أجد راديو يلعب كل تلك الموسيقى التى يصفها بعض من المقربين مني بالعجيبة دون تكليف أنفسهم عناء محاولة الإستماع لها.

عرفت جرامافون لأول مرة من صديقتى الرائعة ميرال التى دائما تتحفنى بأحلى أخبار العالم. تخبرنى بأحلى الحفلات و الأحداث الثقافية التى تدور بليالي القاهرة الساهرة الساحرة الثرية. أثق كل الثقة برأيها و ذوقها المنفرد. أرسلت لى موقع جرامافون و لم أصدق حين فتحته لأول مرة بحياتي و إستمتعت بثلاثة سهرات فنية متألقة لمدة ثلاثة ساعات. الساعة الأولى كانت مخصصة للفنانة اللبنانية الرائعة تانيا صالح و الساعة الثانية كانت مخصصة للشيخ إمام و سيد درويش و الساعة الثالثة كانت أغانى عشوائية لمختلف موسيقيين الوطن العربى. دخلت الموقع و لم يكن يتعدى معجبيه عالفيسبوك الألفان و عاشرته حتى تعدى الستة ألاف من أسبوع تقريبا. أعترف أنى ساهمت فى نشره لكن على محيط فائق الضيق فلم يكن يريد احد من معارفى محاولة الإستماع له. و أذكر تعليق أحد من أصدقائي عند إرسالى له الموقع بقوله ( إرحمنا بقة) . من تقبل دعوتي و إستمع للراديو هم أصدقائي المقربين و المعتادين على إستماع نفس نوع الموسيقى (العجيبة) التى أستمع إليها.

لن أنسى ابدا يوم رائع لي مع جرامافون. كان لدى الكثير من التوتر بسبب ضيق وقتى بين الدراسة و العمل. و كان لدى الكثير من المذاكرة و حالة توترى أوصلتني لمرحلة رافضة لأى إنجاز. جرامافون كان مفعوله مفعول السحر علي. فتحت جرامافون لمدة ساعتين قررت تخصيصهم للراحة . إستمعت يومها لحفلة زياد الرحبانى بدمشق و بعدها حفلة السيدة فيروز بلاس فيجاس. ما أجملها سهرة. قالت فيروز (أنا صار لازم ودعكن خبركن عنى . أنا كل القصة لو منكن ما كنت بغنى و دايما بالأخر فيه أخر فيه وقت فراق.. بكرة برجع بوقف معكن اذا مش بكرة لبعده أكيد) وجدت نفسى تغمرها السعادة و النشاط و بدأت فى المذاكرة مستمع لجرامافون أيضا –وكان عبد الله أحد المسئولين عن الراديو هو من كان ينظم السهرة و كانت من أجمل سهرات جرامافون التى إستمعت إليها –  و أنجزت إنجاز غريب

كما ذكرت محاسن و روائع جرامافن يجب أن أذكر مساوئه فقط بسبب رغبتي في أن يكون الراديو ممتاز طوال الوقت. كون فردان فقط هم المسئولين عنه – وهم عبد الله و أحمد كمال- يجعل من الراديو ممتاز حينما يكونوا جالسبن معنا بالسهرات و يجعله فى منتهى الروعة من حيث كم الأغانى الرائعة التى تذاع و يجعله أيضا ليس على مستوى عالي من الجودة باقى ساعات اليوم الذى يكون المسئول فيها عن الراديو هو  الأوتو دى جى فأنصحهم بالعثور على متطوعين محبين للراديو ليكونوا ملتزمين بوضع البلاي ليست أثناء إنشغال عبد  الله و أحمد كمال حتى يكون الراديو ممتاز طوال ساعات اليوم. 

دائما حينما اتحدث عن جرامافون أتطرق لموضوع أخر بعينه. على قدر سعادتى عندما أتحدث عن جرامافون على قدر حزني بالنهاية حين يفتح هذا الموضوع. موضوع العطب الفكري كما يسميه صديقي الرائع عمر البياري. يُفتح الموضوع حين أبدأ التأمل فى حياتي و أتسائل إن كنت أنا الطبيعي أم الشاذ. فأجد أن من وجهة نظري أنى طبيعي لأقصى الدرجات حيث ما أسمعه هو الذى يجب أن يكون معروف و أكتشف أيضا أنى فى نفس ذات الوقت الشاذ حيث ما أسمعه لا يعرفه أحد غيرى و غير نسبة ضئيلة لا تذكر. أبدا أتسائل أيضا إذا كان كل ما أؤمن به مئلوف أم أشياء خرافية نسجها و إخترعها خيالي الخصب, أتسائل إن كان نهمى و عشقي للقراءة و شهوتي للمعرفة هى االطبيعة و الأساس أم جلوس أغلب الشباب بالمقاهي و الكافيهات لا يأبهون بشئ ولا يخلقون معنى لحياتهم هو العادي. و أخيرا أتسائل إن كان تسائلي هذا من حقي أم إني يجب أن أتوقف عن التأمل و التسائل و المعرفة و أنجرف مع البقية فى تيارهم.
أعلم أني لن أسمح لنفسي بالإنجراف فى تيار هؤلاء و أنى سأبقى كما أنا فى تيار بحيرتي الضعيف مقارنة بتيار نهرهم العاتي الملئ بالدوامات التي تسحب أمثالهم إلى قاع النهر حتى لا يروا نور المعرفة أبدا و تجعل أمثالى يعافرون فى المحافظة على توازنهم حتى لا يسحبوا بهذا التيار المظلم بل و يبقوا راسخين ببحيرتهم رغم محاولات النهر في سحبهم المستمرة.

 كيف يحقق ألبوم عمرو دياب أعلى المبيعات برغم إفتقاره بكل ما يكون أي أغنية. فأغانية تفتقر الكلمات القيمة و تفتقر الالحان و الموسيقى فتجد نفسك تسمع عدة كلمات ربطت و إجتمعت عشوائيا على دقات (بيتس) –  لم تنتج عن اي الة موسيقية  بل صنعها برنامج على الكمبيوتر – بدون أن تصنع أي معنى للجملة. فأتسائل كيف تنتشر أغانى عمرو دياب و فى نفس الوقت هناك من العظماء أمثال زياد رحباني و مارسيل خليفة و ريم بنا و ريما خشيش و كاميليا جبران من هم ممنوعون من الغناء بمصر و المرات القليلة التى يأتون فيها تكون حفلاتهم مقتظة بأمن الدولة.

ربما نعيش فعلا أكثر الأزمنة إضمحلالا فكريا كما يقول صديقي عمر البياري و ربما كان يوجد إضمحلالا أقوى فى عصور سابقة. لا يهم لكن ما يهم هو أن نستطيع أن نستيقذ و أن ننقذ أنفسنا من هذا الإضمحلال قبل أن يقوى تيار النهر و يأكل البحيرة فتختفى تماما من على وجه البسيطة.  


 اسمع الراديو . فقط اضغط على اللينك دة :)
Gramafoon Radio

Thursday, September 15, 2011

نرد حياتي


بدأت تلك المقالة يوم الواحد و الثلاثون من مايو عام 2011 بالطائرة عائدا لمصر لكنى لم أنجز بها الكثير بسبب تحمسى الشديد للوصول فإستكملتها يوم الخامس عشر من سبتمبر بعد قضاء أجازتى بمصر و عودتي للولايات المتحدة الامريكية.
هذا ملخص عامي الاول بامريكا , فإن كنت غير مهتم بها فيكفي قراءة حتى هذا السطر.

بيداي طُويت أخر صفحة من صفحات عامي الأول بأمريكا. طويت الصفحة و وصلت للملخص المكتوب على الغلاف الخلفى للكتاب و قرأته فإبتسمت عندما إكتشفت أن الرحلة ملخصة بكلمة واحدة و هي النجاح. أدون الأن و أنا بالطائرة عائد لمصر.منذ وصولي لنيويورك كلما أرمي النرد عشوائيا تأتي إجابته برقم حظ يحرك روحي خطوات ثقيلة و واثقة نحو مستقبل منير. أستطيع أن أقول أن كريم عبد الرازق الذي سافر من مصر مختلف كل الإختلاف عن كريم الحايس العائد لمصر بعد عام من الخطوات المحلقة.

سافرت للولايات المتحدة الأمريكية تنتتابني حالة من الجمود و الركود كفرع من نهر فصلوه عن مصدره, جئت كارها لتلك البلد التي كنت زرتها العام الذي سبق سفري و كرهتها. جئتها ثانية و قلبي ملئ بالكره لها لأنها أبعدتني عن أهلي و أصدقائي و حتي عن من يكرهني الذين بدونهم لم يكن لحياتى طعم. أبعدتني عن حياة القاهرة الثقافية, أبعدتني عن ليل زاهر و نهار نشيط. أبعدتني عن طبق الفول المدمس الذي لا يستطيع ظبطه أحد إلا أمي, أبعدتني عن شارع المعز و ثراء ثقافته. أبعدتني عن صلاة خاشعة بالأزهر, أبعدتني عن حفلات ساقية الصاوي, أبعدتني عن أصالة أحياء مصر الفقيرة, أبعدتني عن طبق الكسكسى المفضل لدي من محل بعينه بالدرب الأحمر, أبعدتني عن النوم علي صوت عبد الباسط عبد الصمد, أبعدتني عن إحساس أني إن أخذت أي أتوبيس عام, أعلم أنى لو نزلت بأي محطة عشوائيا سأجد من أصدقائي و معارفي من يستضيفني ببيته. أبعدتنى عن معنى العبق و الأصالة و أخذتني لحياة معدومة الملامح و عديمة الثقافة. أخذتني لمجتمع أحسه غريب عني – مع تحفظى الشديد على وصف من يعيشون بامريكا بمجتمع فهم مزيج من البشر من جميع بلاد العالم جمعوهم عشوائيا وألقوهم معا بأرض واحدة –, كنت أشبه الطائرة التي أقلتني لنيويورك كصراط  يوم القيامة لكن هذا الصراط  يقود الى النار بعكس صراط يوم القيامة الذي يقود إلى الجنة. كل تلك الأشياء كانت تدور في عقلي حين جئت هنا لكن مرت الأيام و الشهور حتى تبدلت تلك الأحاسيس كلها.

أقضيت أشهرمن الغربة و التقوقع بالمنزل غير راض على تلك الخطوة المتهورة التى أخذتها. شهران أقضيتهم كالتائه الذى لا يعرف ما يدور حوله. كنت كلما احاول ان أسلك أى طريق أتوقف بسبب عدم تمكني من رؤية بداية هذا الطريق. على سبيل المثال كلما أحاول أن أقدم أوراقى لأى جامعة كانت تظهر لى عقبات لم اكن أراها من قبل. كلما أحاول البحث عن وظيفة تكون مصدردخل لى يعيننى حتى اتغلب على غلاء معيشة نيويورك فلا أرى غير الرفض من قبل مديرين الاماكن التى اتقدم للعمل بها. تعددت أسباب الرفض لكن بقى الرفض واحد لكن أكثر سبب أعيد قوله هوعدم تجاوزى سن الثامنة عشر. بقيت متقوقع بالمنزل لا أفعل أى شئ إلا مشاهدة الأفلام. بأكتوبر تتطورت حالتى من عدم رضا إلى كسرة بنفسى كبيرة بسبب تعرضى لموقف صعب أعتبره أول شرخ بقلبى. و هذا الإنكسار نتج عنه حالة من اليأس و اللامبالاة انتابتنى و تمكنت منى تماما. أرسلت رسالة لوالدى قائلا له :احجزلى مكان على اي طيارة راجعة مصر. قررت الاستسلام من أول خطوة. أمى هى من وقفت لى و منعتنى من النزول. يا لها من قوة أولدتها بداخلها لا أدرى من أين اتت بها. برغم انها كانت اكثر شخص متضررعاطفيا و معنويا من سفرى و كانت أكثر من كان رافض فكرة سفرى من الأول لكنها قاومت و لم تظهر لى بهذه اللحظة ضعفها الداخلى و رغبتها الملحة بان أرجع. أغلقت معى التليفون بعد ارغامى بالبقاء و بدأت هي فى البكاء. و كالعادة لم يخب قلب أمى قط. بعدها بيومين اتصل بي مدير مطعم وجبات سريعة طالبا منى ان احضر للمحل لمقابلة بسيطة  و بالفعل ذهبت و اكتشفت ان المدير كان مصري و تم قبولى.
يد إلهية هى من حركت حبال عرائس ماريونيت حياتى طوال مدة عامي الأول بامريكا و خصوصا بأشهرى الأولى. و هى التى جعلت أمى ترفض و تمنع فكرة رجوعي. و هى التى جعلت المدير يكلمنى بعد عدة ايام من وصولى لأسوأ حالاتي عالإطلاق. و هى من وضعت كل تلك العقبات من الأساس حتى أدرك أن لا يجب على الإستسلام مهما كانت الظروف.

بدأت العمل بهذا المطعم (دنكن دونتس) و اكتشف مدى صعوبة تلك الوظيفة و مدى الارهاق الذى أصيب به بعد كل يوم من العمل. و بهذا خطوت أول خطوة فى مجال العمل و بقى مجال الدراسة مخبى بالضباب. تعلمت الدرس و قررت ألا أيأس أبدا. صبرت بالوظيفة بدون دراسة و عانيت كثيرا بعدما اتضح لى ان هذا المدير المصرى من أسوأ الشخصيات التى قابلتها بحياتى و بعدما رأيت تعامله القاسي معي و رأيت استغلاله و استنزافه للموظفين. فكانت عندما تثلج كان لا يدفع لشركة جرف الثلج و يجعلنا نجرف الثلج يدويا بالجاروف. و كان لا يعطينا أبسط حقوقنا و هى طلب يوم اجازة. فعندما يكون عندى ارتباطات و لا يمكننى العمل يوم ما و أطلبه اجازة أكون متاكد ان فى المقابل سيقلل من جدولى التالى يوم أخر فبالتالى شيك القبض الإسبوعى المبنى على نظام الدفع بعدد ساعات العمل سيقل و بالتالى يتسبب لى بازمة مادية تتضطرنى ان احرم نفسى من الأكل لمدة أيام حتى اوفر و اعوض هذه الخسارة و لتجنب تلك الخسارات أصبحت لا أطلب أجازات نهائيا لدرجة انى ذهبت لإمتحان التفاضل معتمدا على مستوايا الجيد فى التفاضل بدوم مذاكرة فكنت بالعمل ليلة الإمتحان.

من كان يخفف عنى قسوة تلك الوظيفة و قذارة المدير هم زملائى بالمطعم الذين أصبحوا اصدقائى بسرعة بعدما كان ينتابهم بعض القلق منى خائفين ان أكون مثل مديرى المصرى و أن أكون جاسوس عليهم. و لكن سريعا ما إتضحت لهم شخصيتى الحقيقية حتى وصلت الصداقة إلى أن أخذونى فى يوم عيد ميلادى لمطعم و بعدها ذهبنا للعب البولينج وأصروا أن يعزمونى.  
أتت توأمي مريم إلي بمنتصف يناير. خففت عنى القليل حتى أتى الخامس و العشرين من يناير. فقد أحسست يومها بإحساس غريب لم أكن أعرفه. إحساس بمعنى الإنتماء الحقيقى و ليس الإنتماء الذي لم نكن نجده إلا بأمطشة كرة القدم. كنت فى منتهى سعادتى و كنت أعتبر مريم من أقل الناس حظا حيت انها تركت مصر لتزورنى عدة أيام قبل الثورة و لم تستطع العودة بسبب توقف الطيران لمصر إلا قبل يوم التنحي بثلاثة ايام تقريبا. لن أستطع أن أنسى يوم مكالمتى لوالدي أثناء أيام الثورة و بكائى لهم طالبا منهم ان أنزل مصر. حتى أخيرا أتى يوم التنحى الذى أحسست يومه بأن لأول مرة لي صوت و صوت قد يسمع و أدركت أن صوت المصرىين تحول من كونه صوت عبيد إلى صوت صقور تهتز له الأبنية و تتساقط بسببه الأنظمة السياسية الفاسدة.

و كما تكون الثورة هى مفتاح الحظ الذى فتح لى الطريق الثانى و الأهم و هو الدراسة. أرسلت لى الجامعة يوم الخامس و العشرين من يناير قائلة لى أني بعد أن كنت بقائمة الطلبة الإحتياطيين نظرا لتأخر تقدمي للجامعة فقد وجدوا أماكن شاغرة و طلبوا منى أن أحضر لتلقي إمتحان قبول و بالفعل إمتحنت و قبلت و دخلت اول فصل يوم جمعة الغضب الثامن و العشرين من يناير.
منذ بدأ دراستي أدركت ما هو المعنى الحقيقي للوقت الذي أصبحت أبحث عنه بعدما أختفى. فأصبحت لا أجده إلأ فى ساعات نومى التى أصبحت أفل حتى أستطع تغطية موادى الدراسية. كان هناك مادة مقررة لدى و هى الخطابة. لا أستطع وصف كم أستمتعت و إستفدت من تلك المادة. فلم  يكن لها إمتحان نهاية الفصل الدراسى بل كانت الدرجات توضع على أساس كفائتى فى كتابة و إلقاء ثلاث خطابات أمام زملائي بالفصل بالإضافة إلى جودة نقدي لمسرحيتان من المسرحيات الثلاثة المقدمين على مسرح الجامعة. أول خطبة كانت خطبة وصفية فكان يجب أن أصف شئ أستطيع فعله و ثانى خطبة كانت خطبة خبرية فيجب علي أن أخبر المستمعين بمعلومات فإخترت ان أتكلم عن الثورة المصرية و لن أنس أبدا كم التصفيق الذى حصلت عليه بعد إنتهائى من إلقاء الخطبة برغم ان التصفيق كان ممنوع حتى لا نزعج الفصول المجاورة. و الخطبة الثالثة كانت خطبة إقناع أى يجب أن أتمكن من تغيير فكرة أو وجهة نظر شائعة لدى المستمعين فقررت أن أتكلم عن الإسلاموفوبيا أى الخوف من الإسلام و المسلمين, لمدة عشر دقائق ألقيت الخطبة التى اخذت مني وقت كبير فى التحضير و فى البحث عن أمثلة تظهر سماحة الإسلام من الماضى و من الحاضر. و الوقت الأكثر الذى أخذته كان فى ترتيب و نسج الخطبة بشكل شيق حتى لا يمل مستمعينى و بالفعل نجحت خطبتى نجاح باهر و تكرر التصفيق ثانية و كان التعليق الذى قد سمعته و لن أنساه أبدا كان عندما رأتنى زميلة لى أثناء تجولى بالحرم الجامعى قالت لى : أشكرك فلقد ألهمتنا جميعا.

اليوم الذى لن انساه أبدا هو يوم عرض فيلم ميكروفون بنيويورك. كنت أنتظر هذا الفيلم منذ أن علمت أن مخرجه و كاتبه أحمد عبد الله قد بدأ فى كتابته و فرحت عندما شاهدت حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائى الدولى بنوفمبر و إكتشفت أنه حصل على جائزة أفضل فيلم عربى و حزنت لأننى لم أشاهده بعرضه الأول بمصر بسبب سفري. كنت قد راسلت خالد أبو النجا ممثل الفيلم على تويتر و سألته اذا كان سيعرض الفيلم بنيويورك و كان لدى يقين أنه لن يعرض و لكننى فوجئت برده بأنه سيعرض بالفعل يومها غمرتنى السعادة. ذهبت لعرض الفيلم الأول بنيويورك و أخذت معى صديقى بالعمل (أنتون) و كلانا أعجبنا بالفيلم  إعجابا شديدا و تكلمت بعد العرض مع خالد أبو النجا و أحمد عبد الله مخرج الفيلم و تذكرنى خالد أبو النجا و تذكر رسالتى على تويترو قابلته بعدها بعده أيام بعد العرض الفيلم الثانى الذى أستطحبت فيه هذه المرة معلمتى بالجامعة.
بعد عدة أشهر أرسل لى خالد أبو النجا رسالة قائلا لى أنه سيلقي خطبة بنيويورك عن الثورة المصرية.  قابلت يومها  دكتور جوزيف مسعد, دكتور الدراسات الشرق أوسطية بجامعة كولومبيا. فقد كان هو مقدم الخطبة و بعد إنتهاء الخطبة كان على الجمهور الرحيل حتى يفسحوا مكان لخالد ابو النجا و المثقفين الضيوف و المسئولين عن هذا المركز الثقافى لتناول العشاء. و لكن عرض خالد أبو النجا علي أنا و ادم بالبقاء و وافقنا فتعرفت على دكتور جوزيف مسعد ,إستمتعت بالحديث معه لمدة ساعتين.
هذا العام الذى أقضيته بنيويورك أثقل معرفتى و ثقافتى من جميع الإتجاهات. سينمائيا, فقد فتحت عينى على أنواع جديدة من السينما و شاهدت أكثر من مائة فيلم بالرغم من إزدحام جدولي و أبرز ما أتذكر منهم الأن هم: فيلم شجرة الليمون الذى يناقش الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية بتناول مبهر و فيلم أمريكا الذى يناقش قصة عائلة فلسطينية بالغربة وفيلم المسافر الذى يتناول نشأة علاقة رجل أبيض بعرب يقتنون نيويورك و أخر ما أتذكر هو فيلم أميلي الفيلم الفرنسى الرائع . و أثقلت أيضا ثقافتى الموسيقية, فقد تعرفت على أكثر من خمسين موسيقي (أندرجراوند) بارع من جميع أنحاء الدول العربية فبالتالي تعرفت على اكثر من 1000 أغنية جديدة. للأسف لم تحتل القراءة جزءا كبيرا من وقتى بسبب ضيق وقتى بين الجامعة و العمل فكانت قرائاتى مقتصرة على المقالات التى نقرئها بالجامعة و نناقشها و روايات قليلة منهم الرائعة أولاد حارتنا.
حقا التجارب هى ما تبني و تصنع الفرد. فكريم الحايس الذي أراه الأن لم أكن أتخيل أن كريم عبد الرازق قد يستطيع الوصول لنضجه بهذه السرعة لكن بالفعل الغربة اثقلتني. لا ادرى كيف سأكون و لماذا سأصل بعد نهاية عامي الثانى. الايام وحدها هى من تستطيع أن تجيبنى. فساظل منتظر إجابتها التى أصنعها بنفسى.  

Friday, July 29, 2011

ربنا يقومها بالسلامة

ربنا يقومها بالسلامة
بدأت الحكاية مع الاشتباه بتكوين الجنين. نزل يومها الناس لمحاربة من فى مصلحته إجهاض الحامل و وأد جنينها, و بوقوفهم بجانب الحامل تأكد حمل السيدة بجنين قررت تسميته الحرية. يا له من اسم جديد دخيل على المجتمع المصرى و لكن من فرط اعجابهم و تحمسهم لهذا الجنين اصبحوا يراعوا الحامل بعناية فائقة. و بسبب حدوث بعض المشاكل و المخاطر بأول أيام الحمل ساندوها حتى ثبت وضع الجنين برحمها العطر. تركوها يومها بعد إحتفالهم بثبات وضع الجنين و لم يراعوا انها سيدة عجوز , تستحق منهم رعاية ليوم الولادة وحتى بعدها ليساعدوها فى تربية الطفل.
تركوها و قرروا أن يتركوا امور رعايتها للطبيب المختص بحالتها , و الظاهر ان هذا الطبيب كان مشترك مع من كان يجهضها.فإن مصير جنينها كمصير جميع الأجنة , مجهول لا يعلمه الا الله.
ينتاب الجميع – الذين تحولوا من مساندين لمشاهدين فقط لمراحل حمل الجنين – حالة تمزج بين الخوف و الترقب و القلق.مصدر القلق هى المخاوف التى قد تضر و قد تعرقل مراحل الحمل. يتمنون اكتمال الحمل بخير و ان تضع السيدة جنينها "الحرية" بنجاح , و أن ترى طفلها يكبر , لكن يخافون من محاولات اجهاض الجنين المتكررة , يخافون من أن ينزل الجنين ضعيف هزيل فيحتاج لرعاية طبية بالحضانة لمدة طويلة, و حينها سيؤجل الحمل جنى ثماره لمدة أطول.
و الخوف الأكبر يكمن فى احتمالية موت الجنين لا قدر الله و هو مازال برحم أمه و حينها لن نسامح مجلس الأطباء المختص و سنحمله المسئولية كاملة, و ما لا يعرفه الطبيب المختص ان الاصرار أصبح صفة يتميز بها المصريون , و ستحمل السيدة مرة ثانية و ستولد الحرية بدون  أى شك . الحرية ستولد اليوم أو الغد أو بعد الغد بأقصى تقدير.

Saturday, May 7, 2011

جارة القمر

عندما أقول هوية عربية, أول ما يأتي لمخيلتي هي السيدة فيروز. فكثيرا من الأحيان أستمع لأغنية لها لم أسمعها من قبل تجعلني أعيد إستماعها لعشرات المرات و أبدأ إستماع أغاني أخرى لفيروز أعرفها و أعشقها, فأعكف علي إستماع تلك السيدة التي طالما حلمت بتقبيل يديها لفترة طويلة, بل الأمر لا يقتصر على الإستماع لأغاني فيروز بل أبدأ أيضا مشاهدة مسرحياتها مع الرحابنة, فلعلي أذكر الأن مسرحية ميس الريم, و كيف عشقت زَيون (فيروز في المسرحية) و عشقت ضايعة ميس الريم و عشقت أكتر ضايعة كحلون التى منها أتت زيون برغم أن لا يوجد بالمسرحية أي مشهد تقع أحداثه بكحلون لكن شوق زيون للرجوع لكحلون بعد أن تعطلت سيارتها بميس الريم جعلني أحب تلك الضايعة و خصوصا بعد إستماع مديح زيون في كحلون بأغنية إفتاتحية المسرحية.  


فيروز تجعلني أدخل حالة فيروزية لا أخرج منها أبدا, لكنها تهدأ نوعا ما بعد مرور الوقت و أعود و أسمع أغنية لها تشعل لهيب الحالة الفيروزية مرة أخرى. تلك الحالة ترسم إبتسامة لا تزول أبدا, فمرة من المرات و أنا بعملي بدنكن دونتس (محل دونتس شهير بالولايات المتحدة الأمريكية) دخلت المحل زبونة لتطلب قهوة, كل مرة تدخل فيها المحل تراني مبتسما و سعيدا و هذا لا يتوافق مع طبيعة عملي الشاقة, و مرة أخري دخلت المحل و كنت اعمل مع زميلتي ميشيل وكان قد أتى ميشيل خبر أسعدها جدا فجاءت و إحتضنتني, بنفس اللحظة دخلت الزبونة نفسها, فتعجبت و سألتنا كيف تجدون مصدر للسعادة بهذا المكان الكئيب فنظرنا لبعضنا البعض و ردت ميشيل: كريم مصدر سعادتنا كلنا, فعلقت الزبونة قائلة: أه طبعا, طالما تلك الإبتسامة الجميلة مرسومة على وجهه طوال الوقت فلا بد أن يكون مصدر لسعادة الجميع. وقتها لم أفعل شيئا أكثر من أن إبتسامتي التي أعتبرها بلهاء أصبحت أوسع. فهل سيصدقني أحد إن قلت أن مصدر سعادتي الدائمة و التي تنتقل لمن حولي هو الصوت الفيروزي الملائكي.
أول ثلاثة أشهر لي بالولايات المتحدة لم أكن إلتحقت بالجامعة و لم أحصل علي وظيفة بعد, كنت في منتهي الإكتئاب و الشعور بالغربة, فيروز آنست وحدتي بإصدارها لألبومها الجديد ( إيه فيه أمل) بأكتوبر2010, حفظت أغانيه كلها في يومين, أحببته, أدمنته, أصبحت أشعر بالسعادة فقط حين إستماعي له, أصبحت أغنيه بأعلى صوت لدي في الشوارع تاركا صدى عربي أنيق بشوارع أمريكا الباردة معدومة الثقافة فقط قبح صوتي هو ما خرب ذلك الصدي. لم يقتصر ذلك الألبوم علي كونه مكون من أغاني جميلة نسجها زياد رحباني برقة لكنه كان لي نموذج للألبوم الثائر على الوضع الذي كان به الوطن العربي, فعندما قالت فيروز إيه فيه أمل زادتني تفاؤل و أصبحت كلمتي الجديدة فكلما يشكي لى أى شخص عن معاناته أو ينتقد أى شئ به مصر أرد عليه بكلمه إيه فيه أمل. و عندما قالت الأرض لكم كانت وصية صريحة من فيروز للشعب العربي ألا يتنازلوا عن أرضهم و ألا يتركوها لناهبيها, فكنت حين أغني تلك الأغنية دائما ما أصرخ حين قول "لأرض لكم ... قدسوا الحرية حتى لا يحكمكم طغاة الأرض" فكانت بالنسبة لي أكثر جملة ثائرة سمعتها أذني. و عندما غنت الله كبير جعلتني أغوص في بحر من الإيمان. كل ذلك تفعله بي فيروز بصوتها الملائكي, تجعلني أفخر بكوني عربي حتي أستطع فهم أغانيها.


 

لمن يريد مشاهدة مسرحية ميس الريم
http://www.youtube.com/watch?v=tz3nglSiXso&feature=related

أعشقك يا جارة القمر


Sunday, May 1, 2011

يا ليل يا عين

فضلت بدأ تدويني بأغنية للمغنية اللبنانية تانيا صالح. تتعجب لتجاهلنا لهويتنا و تمسكنا بهويات و ثقافات أجنبية فتقول:


ثقافتنا فرانسويه
سيجارتنا امريكيه
و القهوة برازيليه

يا ليل يا عين

سألونى ع الهوية
و حروف الابجديه
ما بقي نعرف شو هى ؟؟

يا ليل يا عين